Menu
Search
Saudi Central Bankالبنك المركزي السعوديأخباركلمة محافظ مؤسسة النقد في مؤتمر المالية الإسلامية الرابع المنعقد بجامعة عفت بعنوان "البلوكتشين والعقود الذكية والتمويل الإسلامي"
News
الاخبار
كلمة محافظ مؤسسة النقد في مؤتمر المالية الإسلامية الرابع المنعقد بجامعة عفت بعنوان "البلوكتشين والعقود الذكية والتمويل الإسلامي"
05/12/2018 12:00 ص

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

أصحاب المعالي، أصحاب السعادة السيدات والسادة، أيها الحضور الكرام

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود بدايةً أن أتقدم بالشكر والتقدير لسعادة الدكتورة/ هيفاء رضا جمل الليل رئيسة الجامعة على الدعوة الكريمة للمشاركة في هذا المؤتمر الذي يساهم في زيادة المعرفة بالتقنيات الجديدة في مجال الخدمات المالية، والشكرُ موصولٌ أيضاً لكل من ساهم في تنظيم هذا اللقاء وشارك فيه.

أيها الحضور الكرام

يتسم القطاع المالي في المملكة العربية السعودية بمستوى عالٍ من الملاءة والمتانة والتطور في تقديم الخدمات، مستخدماً التقنية الحديثة وفق أفضل الممارسات والمعايير الدولية. ولذلك احتفظت المصارف السعودية بمستويات ربحية ورأسمالية مرتفعة، واستمرت المملكة في الحصول على معدلات عالية في التصنيف المالي من قبل الشركات العالمية، وهذا يعود بفضل الله إلى السياسات والإجراءات المتوازنة والاحترازية التي تطبقها مؤسسة النقد العربي السعودي على المؤسسات المالية المحلية التي تشرف عليها،

حيث تعزز هذه السياسات القدرة على الاستثمار في المستقبل والتفاعل الإيجابي مع التحولات الرقمية في القطاع المالي.

وقد شهدت السياسات الاقتصادية في المملكة مؤخرًا العديد من التطورات التي تهدف في مجملها إلى تعزيز البنية الاقتصادية والتوجه نحو اقتصاد يتسم بالتنوع والاستدامة في النمو. وفي مطلع هذا العام، اعتُمدت خطةٌ لتطوير القطاع المالي ليكون قطاعًا ماليًا متنوعًا وفاعلًا يدعم مشاريع تنمية الاقتصاد الوطني، ويحفز على الادخار والتمويل والاستثمار، ويعزز الكفاءة والقدرة على مواجهة التحديات المستقبلية وتحقيق الأهداف التنموية الاقتصادية المنبثقة من رؤية المملكة 2030 والبرامج التابعة لها.

أيها الحضور الكرام

إلى جانب الدور الرئيس للمؤسسة في ضمان الاستقرار النقدي والمالي، عملت خلال الثلاثين سنة الماضية على تطوير نظم المدفوعات المالية الالكترونية، حيث كانت المملكة أول دولة بالشرق الأوسط تتبنى نظامَ مدفوعات وطني مستقل بالكامل عن الشركات الدولية. ففي عام 1990م، أطلقت نظام الشبكة السعودية للمدفوعات المالية (سبان)، وطورت نظام الحوالات والتسويات الآنية (ما يعرف بنظام سريع) في عام 1997م.

كما تم تدشين نظام مركزي وطني لعرض ودفع الفواتير إلكترونياً، وهو نظام سداد للمدفوعات في عام 2004م الذي حاز في حينه على جائزة الأمم المتحدة كأفضل مشروع حكومي في فئة "تحسين تقديم الخدمات". ولأن عجلة التطوير لا تتوقف، فقد أطلقت مؤسسة النقد خدمة "أثير" وخدمة "مدى" للمدفوعات وللتجارة الإلكترونية، وخدمة مدى pay للهواتف الذكية، إضافة إلى منصة إيصال مدفوعات فواتير الأعمال.

وعلى الرغم من توافر الخدمات التي تسهل استخدام وسائط الدفع الإلكتروني، إلا أن اعتماد المجتمع على استخدام النقد السائل في السوق المحلي ما يزال واضحاً، لذا سعت المؤسسة إلى تشجيع شركات التقنيات المالية، سواءً كانت مستقلة أو تابعة للبنوك التي تملك الخبرة والمعرفة الكافية لتلمس احتياجات المستفيدين وتطويع أنظمتها بما يتلاءم مع هذه الاحتياجات، ومن هذه الشركات مقدمو خدمات المدفوعات والمحافظ الإليكترونية التي نتوقع أن تمارس دوراً كبيراً في توسيع الشمول المالي وخفض استخدام النقد وتنويع الحلول الابتكارية.

أيها الحضور الكرام

لقد بدأ قطاع الخدمات المالية بفَتْحَ أبوابه أمام الجهات الفاعلة الناشئة) كشركات التقنية المالية (لتحفيز الابتكار والنمو، حيث عملت المؤسسة على تطوير البيئة التجريبية التشريعية (Regulatory Sandbox) وهي عبارة عن هياكل وآليات عمل تسمح للمؤسسات المالية وشركات التقنية المالية بتجربة منتجاتهم الابتكارية بضوابط ميسرة لإحداث أثر إيجابي على القطاع المالي في مجال تحسين وتسهيل إجراءات التعامل المالي وخفض التكاليف. وقد تم التصريح المبدئي من خلال هذه البيئة التجريبية لعدد ثمانية مصارف محلية لفتح الحسابات دون الحاجة الى زيارة العملاء للفروع، بالإضافة الى التصريح المبدئي لثمان شركات لتقديم خدمات متنوعة في مجال المدفوعات الرقمية. كما أطلقت المؤسسة في ابريل من هذا العام مبادرة فنتك السعودية من أجل تحفيز تطوير قطاع تقنية الخدمات المالية، وتعزيز دوره في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، حيث تجمع هذه المبادرة بين المؤسسات العامة والخاصة، بما في ذلك شركات التقنية المالية والمصارف والجامعات والمستثمرين والشركات ورواد الأعمال والجهات الحكومية بهدف تعزيز ثقافة الابتكار، وإقامة روابط هادفة في قطاع الخدمات المالية. وتقوم المبادرة أيضاً بنشر الوعي حول دور التقنية المالية المهمة في تقليل التكاليف وإيجاد الحلول الأسرع، وإتاحة وسائل لدعم شركات التقنية المالية في كل مرحلة من مراحل تطورها. وفي هذا الصدد، يعد إطلاق هذه المبادرة حافزاً للقطاع المالي الرقمي للعمل على أن تصبح المملكة مركزاً للتقنية المالية.

أيها الحضور الكرام

في ظل التغيرات العالمية التي نشهدها اليوم خاصةً في مجال الثورة الصناعية والتقنيات الرقمية الحديثة، يراقب العديد من الجهات بما فيها البنوك المركزية تطورات ما يسمى بالأصول المشفرة وتقنيات البلوكتشين والدفاتر الموزعة Blockchain and Distributed ledger. وبدأ بعض البنوك المركزية باستكشاف وتجربة هذه التقنيات بهدف الوصول إلى فهم أعمق للنواحي الفنية ودراسة أثرها على النواحي القانونية والتشريعية والسياسات النقدية والاستقرار المالي.

            وقد حرصت المؤسسة في العامين الماضیین على الاطلاع على هذه التقنيات، وعلى تجارب بعض الدول الأخرى فيها، وأجرت العديد من الدراسات، وبدأت في اتخاذ مبادرات للتعرف على هذه التقنيات الواعدة، حيث أطلقت المؤسسة في الربع الأول من هذا العام مبادرة برنامج ريبل التجريبي، وهو عبارة عن اتفاقية مع شركة ريبل للتقنية المالية لتقديم برنامج تجريبي للمصارف السعودية يتعلق بتقنية دفتر الحسابات الموزّع للمدفوعات عبر الحدود، حيث يتوقع أن تخفض هذه التقنية تكلفة المدفوعات وتحسن تجربة العميل. ويشارك بعض المصارف السعودية في استكشاف حلول شركة ريبل للمعاملات عبر الحدود، في حين تقوم المؤسسة بإدارة البرنامج وتقديم التدريب وغيره من الدعم الفني للمصارف.

كما بدأت المؤسسة مؤخراً بالتعاون مع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي في مشروع لإصدار عملة رقمية، واستخدام تقنيات البلوكتشين للمدفوعات بين المصارف من الطرفين في المدفوعات عبر الحدود (Cross-border payments). ويتيح هذا المشروع فرصة لدراسة البنية التحتية التقنية التي من خلالها ستتم أيضا دراسة العملات الرقمية وكيفية إصدارها وتداولها بالإضافة لعمليات المطابقة والتسويات. كما أن هذا المشروع التجريبي يهدف لفهم التقنيات المستخدمة والتأثيرات الفنية والتشغيلية على البنية الحالية، وسيتزامن معه دراسات أخرى لتحديد تأثير إصدار عملة مركزية رقمية على السياسات النقدية، حيث تُعد العملة الرقمية الموحدة فقط تمثيلاً رقمياً مشفراً للعملة، ولا تحل محل العملة الرسمية الحالية، وسيتم إصدارها للبنوك المشاركة فقط، ولغرض تنفيذ عمليات محدودة وفق إطار برنامج المشروع التجريبي.

وفي الختام، أكرر الشكر لرئيسة الجامعة على الدعوة للمشاركة، ولكم أنتم أيها الحضور الكرام على حسن الاصغاء، متمنياً لهذا المؤتمر النجاح والتوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المحافظ
كلمات المؤسسة الأساسية