كلمة معالي محافظ البنك المركزي السعودي في الذكرى العشرين لتأسيس مجلس الخدمات المالية الإسلامية
محتوى الصفحة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أصحاب المعالي والسعادة، الإخوة والأخوات، الضيوف الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسعدني أن أرحب بكم في اجتماعاتنا السنوية لمجلس الخدمات المالية الإسلامية في مدينة الرياض.
بدايةً أود أن أُعرب عن شكري وامتناني للأمين العام للمجلس، وأعضاء الأمانة، وزملائي في البنك المركزي على جهدهم المبذول في تنظيم هذه الفعالية، والتي تتزامن مع انعقاد الاجتماع الثاني والأربعون للمجلس والجمعية العمومية الواحدة والعشرون، ولا يفوتني أن أشكر لكم حضوركم ومشاركتكم لنا في هذه المناسبة التاريخية.
إنه لمن دواعي سروري أن أتولى رئاسة مجلس الخدمات المالية الإسلامية بالتزامن مع قدوم الذكرى العشرين لتأسيس المجلس، والتي تُعد حدثًا مهمًا لقطاع المالية الإسلامية. وكما أود أن أعرب عن امتناني للمجلس على التزامه الدائم، وسعيه الدؤوب في تعزيز قطاع المالية الإسلامية وتطويره.
في العام 2002م، وقعت ثمانية بنوك مركزية مؤسِّسة، ومنها البنك المركزي السعودي والبنك الإسلامي للتنمية، على وثائق تأسيس مجلس الخدمات المالية الإسلامية. وباشر المجلس أعماله عام 2003م في مقره بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، وظل المجلس متمسكًا برؤيته وتحقيقه لخطته خلال العقدين الماضيين في تعزيز الخدمات المالية الإسلامية ووضع المعايير العالمية الاحترازية والإشرافية، والحرص على تنفيذ تلك المعايير.
ويضم المجلس اليوم 187 عضوًا ينتمون إلى 57 بلدًا من مختلف المناطق الجغرافية. وقد أطلق المجلس نحو 40 معيارًا وملاحظةً فنية ومبدأً توجيهيًا فيما يخص المصرفية وأسواق رأس المال والتأمين.
كما يُعد تقرير الاستقرار المالي السنوي لمجلس الخدمات المالية الإسلامية مرجعًا عالميًا لبيانات المالية الإسلامية، وقاعدة بيانات مؤشرات المالية الإسلامية الاحترازية والهيكلية. كما حقق المجلس تقدمًا مستمرًا منذ إنشائه، حيث يعتبر الركيزة الأساس للسلطات التنظيمية والرقابية، وملتقى مهمًا لتشارك الأفكار والخبرات لجميع العاملين بالقطاع.
السادة الحضور،
لقد ظلت علاقة البنك المركزي السعودي بمجلس الخدمات المالية الإسلامية وطيدة منذ تأسيسه، حيث تشارك ساما بفعالية في لجان المجلس ومجموعات العمل التي ساهمت في وضع المعايير والمبادئ التوجيهية لموضوعات رئيسية كإدارة المخاطر، وكفاية رأس المال، ومخاطر السيولة، ومتطلبات الإفصاح، والحوكمة الشرعية، وغيرها.
كما تسعى ساما للمشاركة مع المجلس في مجال أبحاث المالية الإسلامية، بالإضافة إلى استضافة العديد من فعاليات المجلس، وورش عمله، وبرامجه التدريبية التي ترمي إلى تعزيز المهارات والمعارف لدى الجهات التنظيمية، والمشاركين في السوق، وأصحاب المصلحة في القطاع.
ونتطلع إلى استمرار علاقتنا بمجلس الخدمات المالية الإسلامية بالتزامن مع التحول الرقمي والتطورات النوعية في قطاع الخدمات المالية.
الإخوة والأخوات،
لقد نما قطاع المالية الإسلامية بشكل متسارع، حيث تجاوزت قيمة أصول قطاع المالية الإسلامية عالميًا ما يعادل ثلاثة تريليونات دولار أمريكي، بمتوسط نمو ناهز 9.6 في المئة خلال الثلاث سنوات الماضية.
وتوافق هذا النمو مع الحفاظ على مؤشرات استقرار مالية متينة، وتشير البيانات الحديثة إلى أن متوسط معدل كفاية رأس المال لدى البنوك الإسلامية يبلغ نحو 19 في المئة، مع نسبة تمويل متعثر منخفضة تبلغ 2.5 في المئة، هذا مع تسجيل عائد ربحي على الأصول بنسبة تتجاوز 14 في المئة.
كما توجد 15 دولة تجاوزت فيها السوق المصرفية الإسلامية ما نسبته 15 في المئة من إجمالي الأصول المصرفية، وهي النسبة التي يعتبرها مجلس الخدمات المالية الإسلامية ذات أهمية نظامية. وقد أظهر القطاع متانة ملحوظة خلال ظروف جائحة فيروس كورونا، وما تلاها من ضغوط الاقتصاد الكلي.
وأُشير إلى أن قطاعي المصرفية الإسلامية وأسواق رأس المال الإسلامية استمرا في النمو، إلا أن نمو سوق التأمين الإسلامي على مستوى العالم لا يزال منخفضًا، لذا هناك حاجة ماسة إلى مزيد من العمل والجهود لتطوير هذا القطاع الهام ليأخذ مكانه في القطاع لمالي.
وتُعد علاقة المملكة العربية السعودية بالمالية الإسلامية علاقة راسخة وتاريخية، حيث تضم أكبر سوق للمالية الإسلامية في العالم، ويبلغ إجمالي هذه الأصول عبر القطاعات المختلفة أكثر من 3,1 ترليون ريال سعودي. ويمثل قطاع المصرفية الإسلامية وحده ما يقارب 33 في المئة من إجمالي أصول البنوك الإسلامية على مستوى العالم.
وفيما يتعلق بسوق الصكوك وأدوات الدين، تعتبر المملكة أكبر جهة إصدار سيادية للصكوك في العالم، كما يعد قطاع التأمين التعاوني في المملكة الأعلى نموًا عالميًا بنسبة قاربت 27 في المئة للعام الماضي.
أيها الإخوة والأخوات، الحضور الكريم،
إن رغبتنا في رؤية سوق مستقرة ومتينة وفاعلة هي في صميم رؤية وأهداف مجلس الخدمات المالية الإسلامية ومهامه. ونتطلع في ساما إلى مواصلة علاقتنا بالمجلس وبما يخدم هذه الأهداف.
وختامًا،
أود أن أعرب عن امتناني لكل من ساهم بجهوده في تمكين انعقاد هذه الفعاليات، وأتطلع لحلقات النقاش والمتحدثين الذين يمثلون المؤسسات والأفراد ممن عمل مع مجلس الخدمات المالية الإسلامية منذ إنشائه، وكانت جهودهم أساس نجاح المجلس ونجاح هذا القطاع.
شكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
المحافظ
كلمات المؤسسة الأساسية