Menu
Search
Saudi Central Bankالبنك المركزي السعوديأخباركلمة معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي د/ محمد بن سليمان الجاسر في "مؤتمر يوروموني السعودي" حول تنويع مصادر التمويل 17 مايو 2011م
كلمة معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي د/ محمد بن سليمان الجاسر في "مؤتمر يوروموني السعودي" حول تنويع مصادر التمويل 17 مايو 2011م
 
 

كلمة معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي د/ محمد بن سليمان الجاسر

في "مؤتمر يوروموني السعودي" حول تنويع مصادر التمويل 17 مايو 2011م

 

أشكركم على دعوتكم لي مرة أخرى لهذا المؤتمر السنوي، الذي يعقد هذا العام بعنوان "تنويع مصادر التمويل". وقد كان التمويل والقطاع المالي محط الاهتمام العالمي منذ الأزمة المالية في عام 2008م التي أسفرت عن انهيار مؤقتٍ في قطاع الائتمان تمخض عن حالة من الركود الاقتصادي العالمي، ولعل هذا يوضح الدور الهام الذي يمارسه التمويل في تحقيق النمو الاقتصادي أو إضعافه.

 

أود في هذا الصباح أن أناقش دور الحكومة، بما في ذلك مؤسسة النقد العربي السعودي، في توفير البيئة المواتية لمؤسسات القطاع الخاص وتشمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ثم سأصف الوضع الحالي من حيث مصادر التمويل المحلية والعالمية للتنمية الاقتصادية. وسأختم حديثي ببعض الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية الأخيرة.

 

إن المصدر الأول لتمويل الاقتصاد السعودي هو داخلي، ويتمثل بمؤسسات الوساطة الائتمانية وهي المصارف التي توجه المدخرات المحلية نحو استثمارات منتجة. أما المصدر الآخر فهو أسواق رأس المال العالمية حيث تتنافس المملكة العربية السعودية ودول أخرى على المدخرات العالمية.

 

1-  دور الحكومة:

تقوم الحكومة بالاستثمار في البنى التحتية الاجتماعية (كالتعليم والصحة والإسكان وغيرها) وذلك للنهوض برفاهية المواطنين. وتسعى أيضاً لتنويع القاعدة الاقتصادية لخلق فرص عمل لشباب المملكة. وليست السياسات المالية والنقدية سوى أدوات لتحقيق هذه الأهداف. كما يمكن أن تمارس السياسات الحكومية دوراً حيوياً في توفير بيئة اقتصاد كلي مستقرة للمستثمرين يمكن التنبؤ بها، ولذلك فإن أفق السياسة طويل الأجل. ListRead phonetically

 

إن السياسة النقدية مرتبطة بسعر صرف الريال المرتبط بالدولار الأميركي، لذا يمكن الحفاظ على انخفاض علاوات مخاطر التغير في سعر الفائدة على الدولار وتكون لدى المستثمر الثقة للالتزام بقروض طويلة الأجل. ونتيجة هذا النجاح الطويل الأجل، فإن التمويل بالريال متوفر دون أي مخاطر على العملة، وبأسعار فائدة جذابة.

 

وتهيئ السياسة المالية في المملكة العربية السعودية بيئة مستقرة للاستثمار. وهي تعتمد على أساس مواجهة التقلبات الدورية لتحقيق فائض في الميزانية حين تكون الظروف مواتية -كما في الوقت الراهن- وتسمح بتمويل عجز الميزانية للحفاظ على الاقتصاد في مسار نمو مستقر عندما يضعف الطلب العالمي على النفط. ونتيجة لذلك، حققت المملكة حالياً انخفاضاً في نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي (أقل من 10٪).

 

وتتميز المملكة أيضاً بنسبة ضريبة مشجعة للمؤسسات ( نسبة 20 ٪ كحد أقصى على الشركات الأجنبية) مع عدم وجود قيود على التحويلات الرأسمالية إلى الخارج. وتقدم الحكومة دعماً للمشاريع الاستثمارية، علاوة على تطوير بنية قانونية داعمة للتحكيم. وإجمالاً، تظل السياسة الاقتصادية في المملكة حذرة وطويلة الأجل، وتوفر للمستثمرين العالميين بيئة مثالية لتوزيع رؤوس أموالهم على قطاعات الاقتصاد السعودي المختلفة.

 

2- الاستقرار المالي:

إن النظام المالي السليم هو عماد الاقتصاد, فالأزمات المصرفية لها تداعياتها السلبية على خزينة الدولة ودافعي الضر­ائب على حدٍ سواء, وكشفت تجربتنا الأخيرة أن أزمة الديون السيادية والمصرفية متشابكة ومتداخلة للغاية. وفي هذا السياق, بصفتها الجهة الرقابية والإشرافية على المصارف التجارية وشركات التأمين, ستواصل مؤسسة النقد العربي السعودي سياستها المحافظة في الرقابة على المصارف وقطاع التأمين, وستلتزم تماماً بتنفيذ توصيات لجنة بازل بخصوص متطلبات رأس المال.

 

3- مصادر التمويل المحلية:

إن المصارف أهم مصدر للتمويل في الاقتصادات الناشئة والنامية. ولا تزال الوساطة المصرفية الخيار المفضل في المملكة العربية السعودية كما في أغلب الأسواق الناشئة, وتبلغ نسبة الإئتمان المصرفي إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 50%. وعلى غرار الاقتصادات النامية الأخرى, إن عدد المصارف في الاقتصاد منخفض نسبياً, لكن الأعمال المصرفية تشهد ازدياداً, كما أن القروض الشخصية قليلة نسبياً (حيث تبلغ نسبة القروض الاستهلاكية إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 12%).

 

ومن جهة أخرى، فإن إصدار قانون الرهن العقاري الوشيك, وتزايد الإقراض للمنشآت الصغيرة والمتوسطة سيساهم في تشجيع الاقتراض المسئول في هذه المجالات, وتعزيز انتشار الخدمات المصرفية في الاقتصاد.

 

إن مشكلة المصارف في الاقتصادات المتقدمة أنها مُجبرة على خفض حجم إقراضها المفرط, ولكن الوضع هنا ليس كذلك. فالمصارف المحلية تتمتع بنسب قوية من كفاية رأس المال والسيولة, وبالتالي فهي مهيأة جداً لمنح الائتمان للقطاع الخاص (شركات وعائلات ومنشآت صغيرة ومتوسطة) دون فرض أعباء على ميزانياتها. وتقوم المصارف حالياً بتنويع مصادر دخلها وذلك بتوسيع تركيزها ليشمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة والعائلات.

 

وبالإضافة للقروض المصرفية, تستطيع الشركات السعودية الحصول على أموال من خلال السوق المالية السعودية "تداول", فالبنية الأساسية للسوق رفيعة المستوى من حيث متطلبات الإدراج والإشراف المستمر بالإضافة إلى ترتيبات التسويات وحفظ الأوراق المالية. كما أن عمليات طرح إصدارات الاكتتابات الأولية وحشد رؤوس الأموال من قبل الشركات المحلية تتقدم بسرعة, مما يبشر بالخير لحوكمة الشركات والكفاءة التشغيلية للسوق.

 

ينبغي أن تكون سندات الشركات المصدر الثالث للأموال المحلية للشركات بعد المصارف وسوق الأسهم. فسوق سندات الشركات في مرحلة النشوء, وتبلغ نسبة السندات القائمة إلى الناتج المحلي الإجمالي حوالي 3%. وتم طرح أول إصدار لسندات الشركات في المملكة في عام 2003م, وأطلق أول مركز لتداول سندات الدين للشركات في عام 2009م. وتم طرح عدد من إصدارات سندات الشركات، إلا أنه حتى الآن لم تتطور سوق ثانويةٌ نشطةٌ لتداول السندات. ومع ذلك, فأنا على ثقةٍ أنها ستتطور في الوقت المناسب, سواءً بالشكل التقليدي أو بالصكوك, كما حدث في الأسواق الأخرى.

 

إن مؤسسات الإقراض المتخصصة الحكومية (كصندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنمية العقارية، وصندوق التنمية الصناعية، والبنك السعودي للتسليف والادخار، وصندوق التنمية الزراعية) تمارس دوراً مهماً في تقديم الائتمان طويل الأجل لقطاعات الاقتصاد المنتجة, وبلغت قروضها القائمة 178 مليار ريال بنهاية عام 2010م. ومن ناحية أخرى, إن مشاركة الحكومة في الاستثمارات تمثل عاملاً مهماً في المملكة, فعلى سبيل المثال يوجد لدى الشركة السعودية للكهرباء برنامجٌ لمشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الطاقة.

 

4- مصادر التمويل الخارجية:

تستطيع الشركات في المملكة العربية السعودية أيضاً الدخول إلى أسواق رأس المال الخارجية. وقد تدخل هذه الأموال في الاقتصاد إما بشكل غير مباشر من خلال المصارف المحلية التي تستطيع الوصول إلى صناديق الاستثمار في الخارج، أو بشكل مباشر عن طريق الاستثمار في الأسهم والاستثمار الأجنبي المباشر. ويُعدُّ الاستثمار الأجنبي المباشر من الاستثمارات الأكثر جذبـاً نظراً لطبيعته الطويلة الأجل. إن التدفقات الرأسمالية المصرفية عالية التقلب، ويمكن أن ينعكس اتجاهها كما حدث خلال أزمة عام 2008م. وتعمل هيئة السوق المالية في المملكة على فتح سوق الأسهم تدريجياً للمستثمرين غير المقيمين من خلال القيام بمجموعة من الخطوات. وكانت آخر هذه الخطوات سماح هيئة السوق المالية للأجانب فعلياً بشراء الأسهم من خلال ترتيبات المقايضة عن طريق وسطاء مرخصين.

 

وتتمتع المملكة بسجل قوي جداً للتدفقات الرأسمالية الواردة من الاستثمار الأجنبي المباشر. وفي العام الماضي، احتلت المملكة المركز الثامن حسب تصنيف منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) (UNCTAD) للمستفيدين العشرة الأوائل من الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم وأحرزت المركز السابع عشر فيما يتعلق بعوائد الاستثمار الأجنبي المباشر.

 

5- دروس من الأزمة المالية العالمية ومستجدات:

عندما يتغلب الشعور بالرضاء على الإجراءات الاحترازية، فيصبح السبيل لانهيار مالي مؤكد. وهذا هو السبب بالتحديد وراء الانهيار الأخير في الأسواق المالية العالمية. إن ما يمكن إدراكه مما حدث أن الأخطاء التنظيمية، وعمليات الإقراض المفرط للميزانيات العمومية، والنمو الكبير للمنتجات المهيكلة المعقدة وحوافز الإقدام على تحمل المخاطر من خلال المكافآت الضخمة كانت الدوافع الرئيسة للأزمة. وحتى الدول التي كانت تمارس الإشراف والرقابة الصارمين، مثل المملكة، لم تكن بمنأى عن العدوى. عندما عكست المصارف العالمية الكبيرة سياساتها التمويلية نحو الأسواق النامية في عام 2008م وسحبت أموالها بشكل سريع جداً منها، فقد تأثر النظام المصرفي جراء ذلك بالرغم من موقف مصارفنا المتحفظ التي كانت تطبق إجراءات احترازية بخصوص نسب القروض إلى الودائع.

 

إن المملكة قد أدركت دائماً المخاطر التي ينطوي عليها الإفراط في الإقراض والأنظمة المتساهلة في الإشراف والرقابة. وإن النموذج المستدام هو الذي يدعم مرونة النظام المالي عند الأزمات. وبالتحديد، فإن الأزمة أظهرت بأن الجهات التنظيمية بحاجة إلى إطار لسياسة احترازية كلية للنظام المالي، إضافةً إلى التركيز على الإدارة الاحترازية للمخاطر الجزئية لكل مصرف.

 

6- التحديات التنظيمية:

أظهرت الجهود التي بذلتها مؤخراً مجموعة العشرين وجهات عالمية أخرى (لجنة بازل، ومجلس الاستقرار المالي، وصندوق النقد الدولي) لمعالجة تداعيات النظام المالي العالمي ونقاط الضعف فيه مدى حدة المشكلة والحاجة إلى إجراءات إصلاحية. ومن المعروف أن الأزمات ظاهرة متكررة تتطلب التدابير المناسبة لمواجهتها من أجل احتواء مخاطر النظام المالي التي هي بنفس حجم المخاطر التي حدثت في عام 2007/2008م. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات الكبيرة لإصلاح النظام المالي العالمي. واسمحوا لي بأن أتحدث قليلاً عن هذه النقطة.

 

في السنتين الماضيتين تقريباً، وجهت مجموعة العشرين دعوات لتنسيق الأنظمة المالية وإصلاحها من خلال العديد من الإجراءات، مثل متطلبات رأس المال والسيولة، والأدوات المشتقة، وتصفية منظمة للمصارف الضعيفة. غير أن دعوة مجموعة العشرين تواجه مقاومة متزايدة داخل بعض الدول الأعضاء حول هذه التدابير بسبب سياساتها المحلية ومدى إمكانية تطبيق الإصلاحات المقترحة عملياً في بعض اقتصادات مجموعة العشرين. وعلى سبيل المثال، من المتفق عليه أنه يجب إيجاد إطار احترازي كلي سليم. ويتوقع من الجهات التنظيمية أن تقرر متى يكون التوسع في عملية الإقراض غير محمودٍ. وعلى نحو مماثل، أثبت تعريف المؤسسات المالية المهمة في النظام المالي أنه مثير للجدل.

 

وفيما يتعلق بكفاية رأسمال المصارف، أشارت بعض الدول (مثل المملكة المتحدة وسويسرا) إلى أن المعايير التي تطبقها ستكون أكثر صرامة من الحد الأدنى المنصوص عليه في معيار بازل 3. (ويمثل هذا تحدياً عبر الحدود للجهات التنظيمية لأن البنوك في الدول التي يكون التنظيم فيها أقل صرامة نسبياً سيكون لديها ميزة تنافسية). وهذا النوع من المشاكل هو الذي أدى إلى "السباق نحو الانهيار" في المعايير التنظيمية في سنوات ما قبل الأزمة، ويجب أن نسعى جاهدين لتجنب حدوث ذلك مرة أخرى. وتمثل عمليات المراجحة النظامية تهديداً خطيراً.

 

وبالنسبة للمؤسسات المالية، التي تعد مهمة في النظام المالي للاقتصاد العالمي (التي تعتبر، عملياً، كبيرةً جداً ولا يمكن أن تفلس')، يجب أن تكون هناك قواعد إضافية. وسيرفع مجلس الاستقرار المالي تقريراً إلى قمة مجموعة العشرين في نوفمبر من عام 2011م عن البنوك وشركات التأمين التي يمكن تأهيلها، وما هي متطلبات رأس المال الإضافية التي يجب أن تستوفيها. وتعارض بعض البنوك ذلك بقوة، حيث تحتج بأن تشديد اللوائح سيؤدى إلى تحول المعاملات المالية إلى قطاع 'مصرفية الظل' حيث لا تخضع الأنشطة فيها إلى تنظيم صارم. ومن وجهة نظري، يجب على البنوك الدولية قبول تشديد الأنظمة واللوائح، مما يعني انخفاض العوائد على رأس المال في السنوات المواتية نظراً لانخفاض الإقراض. وفي المقابل، يجب أن يساعد هذا النهج على تجنب الأزمات والخسائر المتكررة في رأسمال البنوك التي تعرضت لها البنوك في العقدين الأخيرين أو نحو ذلك، وإلا سيكون مساهمو البنوك في الأجل الطويل في وضع أسوأ نتيجة لذلك.

 

       وأخيراً، تعرضت الاقتصادات الناشئة والنامية لتقلبات كبيرة في التمويل نجمت من السحب المفاجئ للأموال في عام 2008م وشهدت تدفقات رأسمالية كبيرة مؤخراً، ونتيجة لذلك بدأت هذه الاقتصادات بتنفيذ ضوابط على رأس المال. والخطورة هي أن هذه الضوابط قد يتوسع في تطبيقها، إلا إذا أصبحت التدفقات المالية أقل اضطراباً وكانت أطول أجلاً وأكثر استقراراً.

 

7- قلق حول فقاعة السلع والمنتجات ذات العائد المرتفع.

على مدى العقود العديدة الماضية، أحدث النظام المالي العالمي سلسلة لا نهاية لها من الفقاعات (مثل فقاعة الدوت كوم dotcom، وفقاعة الإسكان وتجارة حيازة الين). وكان لكل فقاعة من يدافع عنها قبل انفجارها، وهم الذين يجادلون بأنها معقولة وأن الأمر "هذه المرة مختلف". وتاريخياً، ظلت السلع (عدا النفط) في اتجاه تنازلي لأكثر من 100 سنة حتى عام 2002م. ومنذ ذلك الحين تحول الانخفاض التدريجي إلى ارتفاع، ويتحدث المعلقون عن "نقلة نوعية". وبالمقارنة مع الاتجاهات التاريخية، نجد أن السلع الأساسية مبالغ في تسعيرها كما هي الحال في سوق الأسهم الأمريكية خلال "فقاعة التقنية" في عام 2000م. ولارتفاع أسعار السلع الأساسية عواقب وخيمة، وهو مثار استفهام عما إذا كان الاقتصاد العالمي قوياً بما فيه الكفاية لدعم مكاسبها المستمرة. وهذا الاتجاه التصاعدي مضر بشكل خاص بالتضخم والنمو في اقتصادات السوق الناشئة التي تعد نسبياً مستخدماً كبيراً للسلع الأساسية.

 

في ظل مستويات أسعار الفائدة المنخفضة حالياً، يبحث المستثمرون عن منتجات ذات عوائد مرتفعة، ولكن ارتفاع العائد ينطوي أيضاً على مخاطر عالية. على سبيل المثال، بعض البنوك تقوم بتسويق صناديق تداول مصطنعة (يتم تداول منتجاتها في الأسواق المالية) (ETFs) وتتبع مؤشراً ليس مضمونا بالاستثمار الأساسي في المؤشر ولكن بأصول أخرى مع ضمان عائد بعملية مقايضة مع طرف آخر ينطوي على مخاطر الطرف المقابل. وتقدم بعض هذه الصناديق (ETFs) عائداً يصل إلى ثلاثة أضعاف ذلك الموجود في مؤشر العوائد. وقد أعرب صندوق النقد الدولي، من بين جهات أخرى، عن مخاوفه (في تقرير الاستقرار المالي لشهر أبريل 2011م)، وأشار إلى أن التداول الذي يعتمد على الحاسب الآلي الذي تستخدمه هذه المنتجات يمكن أن يؤدي إلى "انهيار" آخر كالذي حدث في أبريل 2010م.

 

8- خاتمة

في الختام، تعد البيئة التنظيمية الكلية المساندة أمرا مهما لجذب رؤوس الأموال المحلية والعالمية. وتسعى المملكة العربية السعودية لتحقيق ذلك منذ سنوات عديدة، ويدعم ذلك سجلها في السياسة النقدية والمالية الاحترازية. ونرحب بتدفقات رأس المال طويلة الأجل في مختلف قطاعات الاقتصاد لكسب المنافع المتبادلة من الإمكانات الاقتصادية للمملكة. ولتشجيع ذلك، تبنت الحكومة سياسة 'الباب المفتوح' نحو رؤوس الأموال الأجنبية وفرت عوائد ممتازة لمن قاموا بالاستثمار الأجنبي المباشر. وعملت المملكة على فتح القطاع المالي للمؤسسات المالية الأجنبية من خلال منح تراخيص للبنوك التجارية والاستثمارية الأجنبية وشركات إدارة الأصول والتأمين لتحسين مستوى الكفاءة والتغطية في المجالات المالية المختلفة. ومن حيث تنظيم المؤسسات المالية، سوف نواصل انتهاج السياسة الاحترازية التي خدمتنا كثيراً في الماضي. أما بالنسبة لجدول أعمال مجموعة العشرين، يتمثل التحدي في تحويل رؤيتها الواسعة إلى قواعد تفصيلية تحول دون عمليات المراجحة النظامية التي استغلتها البنوك في الفترة التي سبقت الأزمة.

 

وأخيراً، أتذكر القول المأثور: "المال خادم جيد، ولكنه سيد سيء." لقد أوشكت التجاوزات في النظام المالي، في الأزمة الأخيرة، أن تجر الاقتصاد العالمي إلى الهاوية، وتكرار تجربة الكساد الاقتصادي الكبير التي حدثت في الثلاثينيات من القرن الماضي، وأعتقد أن لا أحداً يريد أن يحدث ذلك مرة أخرى.

أتمنى لكم مؤتمراً موفقاً وناجحاً.


وشكرا لكم.